responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 55
جَهْلٍ وَغَفْلَةٍ، وَالْمَوْجُ الثَّانِي مَا يَغْشَاهُ مِنْ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ، وَالسَّحَابُ مَا يَغْشَاهُ مِنْ شِرْكٍ وَحَيْرَةٍ فَيَمْنَعُهُ مِنَ الِاهْتِدَاءِ عَلَى عَكْسِ مَا فِي مِثْلِ نُورِ الدِّينِ انْتَهَى. وَالتَّفْسِيرُ بِمُقَابَلَةِ الْأَجْزَاءِ شَبِيهٌ بِتَفْسِيرِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَعُدُولٌ عَنْ مَنْهَجِ كَلَامِ الْعَرَبِ.
وَلَمَّا شَبَّهَ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ بِالظُّلُمَاتِ الْمُتَرَاكِمَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَرَى الْيَدَ مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمَةِ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً أَيْ مَنْ لَمْ يُنَوِّرْ قَلْبَهُ بِنُورِ الْإِيمَانِ وَيَهْدِهِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي ظُلْمَةٍ وَلَا نُورَ لَهُ، وَلَا يَهْتَدِي أَبَدًا. وَهَذَا النُّورُ هُوَ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: هُوَ فِي الْآخِرَةِ أَيْ مَنْ لَمْ يُنَوِّرْهُ اللَّهُ بِعَفْوِهِ وَيَرْحَمْهُ بِرَحْمَتِهِ فَلَا رَحْمَةَ لَهُ، وَكَوْنُهُ فِي الدُّنْيَا أَلْيَقُ بِلَفْظِ الْآيَةِ وَأَيْضًا فَذَلِكَ مُتَلَازِمٌ لِأَنَّ نُورَ الْآخِرَةِ هُوَ لِمَنْ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَنْ لَمْ يُولِهِ نُورَ تَوْفِيقِهِ وَعِصْمَتِهِ وَلُطْفِهِ فَهُوَ فِي ظُلْمَةِ الْبَاطِلِ لَا نُورَ لَهُ. وَهَذَا الْكَلَامُ مَجْرَاهُ مَجْرَى الْكِنَايَاتِ لِأَنَّ الْأَلْطَافَ إِنَّمَا تَرْدُفُ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ أَوْ كَوْنُهُمَا مُرْتَقَبَيْنِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [1] وَقَوْلِهِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ [2] انْتَهَى. وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الاعتزال.

[سورة النور (24) : الآيات 41 الى 46]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (41) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (44) وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)
لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (46)
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَثَلَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَأَنَّ الْإِيمَانَ وَالضَّلَالَ أَمْرُهُمَا رَاجِعٌ إِلَيْهِ أَعْقَبَ بِذِكْرِ الدَّلَائِلِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَالظَّاهِرُ حَمْلُ التَّسْبِيحِ عَلَى حقيقته وتخصيص مَنْ

[1] سورة العنكبوت: 29/ 69.
[2] سورة إبراهيم: 14/ 27.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 8  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست